سياسة

نعيمة الفتحاوي: ميزانية 2024.. الفهم المغلوط للتقشف عند حكومة أخنوش

دعا رئيس الحكومة وزراءه إلى التقشف في إعداد مشروع موازنة السنة المقبلة من خلال منشور وجهه للوزراء بشأن إعداد مشروع قانون المالية 2024، وكذا إعداد المقترحات المتعلقة بالبرمجة الميزانياتية للسنوات الثلاث المقبلة 2024-2026.

(المنشور 11/2023، الصادر يوم الجمعة 04 غشت 2023)وهذا ليس جديدا إذ أن سنتين من عمر حكومة أخنوش اتسمتا بسياسة التقشف تجاه التعليم العمومي والصحة العمومية وقضايا الشغيلة في جميع القطاعات، وبالعمل على تمرير أسوأ نظام أساسي يجهز على الحقوق والمكتسبات، يلتف على المطالب المشروعة لكل الفئات المتضررة بما يكرس الاجحاف وعدم الإنصاف ولا يلتزم بالاتفاقات السابقة.

إن إجراءات التقشف الحقيقة التي لا تتحدث عنها الحكومة هي التي تنال ميزانية الاستثمار العمومي والتي تمس القدرة الشرائية للمواطنين والارتهان الى الديون الداخلية والخارجية. وقد أظهرت السياسة التي تنتهجها الحكومة فشلا في التسيير وقصرا في بعد النظر، وألقت بتداعياتها على النمو الاقتصادي وعلى القدرة الشرائية. وهناك تناقض بين ما يدعو المنشور المشار اليه وبين المبالغ التي رصدتها الحكومة لفائدة حملات الدعاية لبرنامج فرصة وأوراش التي تندرج ضمن إهدار أموال عمومية وتساهم في إنهاك مالية الخزينة العمومية في سياق مطبوع بالأزمة الاقتصادية والاجتماعية! (خصصت وزارة السياحة مبلغ كبير 23 مليون درهم للترويج لبرنامج فرصة عبر منصات التواصل الاجتماعي وعبر مشاهير السوشل ميديا.)

وفيما يخص النفقات العامة التي دعا السيد رئيس الحكومة ومنها: “ترشيد استعمال المياه، وتقليص نفقات استهلاك الكهرباء وعقلنة النفقات المتعلقة بالاتصال.” و”التقليص لأقصى حد من نفقات النقل، والتنقل داخل وخارج المملكة، ونفقات الاستقبال والفندقة، وتنظيم الحفلات والمؤتمرات والندوات، وكذا نفقات الدراسات.” فهي إجراءات يجب أن تتصف أصلا بالاستمرارية والديمومة، وربطها بالتقشف يبين أن الحكومة غير مقتنعة بديمومة تطبيقها وتحويلها الى سلوك في الإدارة بغض النظر عن المرحلة التي تمر بها البلاد.

الأولويات الأربع التي حددها المنشور لمشروع موازنة 2024، وهي: مواصلة إرساء أسس الدولة الاجتماعية وتوطيد تدابير مواجهة التأثيرات الظرفية ومواصلة تنزيل الإصلاحات الهيكلية وتعزيز استدامة المالية العمومية. هذه الأولويات تحتاج الى إرادة قوية وسياسة حكومية تتصف بالابتكار والابداع وقوة الاقتراح في وضع برامج للتفاعل مع الإيجابي مع الأزمات الدولية وتصاعد التوترات الجيوسياسية لتفادي تداعياتها على النمو الاقتصادي وعلى القدرة الشرائية للمواطنين، أما الفشل في التخطيط وانتهاج سياسات تتسم بقصر النظر وإلقاء اللوم على تلك الأزمات والتباكي على المواطنين فهذا حل العاجزين.

مطلوب من الحكومة وضع سياسة ناجعة للتقليص التدريجي من عجز الميزانية، وذلك من أجل وضع المالية العمومية في مسار تقليص المديونية وتعزيز التوازن المالي واستعادة الهوامش المالية الضرورية لمواصلة الأوراش التنموية بعيدا عن المس بالقدرة الشرائية للمواطن. والتحكم في ارتفاع الأسعار؛ خصوصا أسعار الوقود التي عرفت ثلاث زيادات في الشهر الحالي؛ وهذا يحدث لأول مرة في تاريخ المغرب والتحكم في تغول لوبيات الوقود وتلاعباتها بالأسعار!أما ما جاء في المنشور حول كون “التقديرات الأولية تشير إلى تحقيق معدل نمو بـ %3.2 خلال الفصل الثاني من 2023، و %3.4 خلال الفصل الثالث من نفس العام”.

فهذا مجرد وهم تكذبه المؤسسات الوطنية ذات الاختصاص وكذا تقارير المؤسسات الدولية. وحتى إذا سلمنا بصحة هذه الأرقام فهي أرقام غير طموحة قاصرة عن إحداث النقلة الاقتصادية المهمة الكفيلة بجعل المغرب ضمن البلدان الصاعدة ذات القدرة على جلب الاستثمارات. ففي 14 يوليوز الماضي- مثلا- خفضت الحكومة توقعها لنمو الناتج المحلي الإجمالي إلى %3.4 خلال 2023، نزولا من توقع سابق بـ 4 % في موازنة العام الحالي. وهذا دليل على ما نقول.أما بخصوص توقع منشور رئيس الحكومة أن ينخفض معدل التضخم إلى مستوى يعادل %3.4 سنة 2024، و % 2 ابتداء من سنة 2025”.

فإن هذا التوقع لن يتحقق بمجرد التقشف، بل بانتهاج سياسة تدبيرية جيدة وبحسن تنزيل البرامج الملكية الاستراتيجية والأوراش التي ورثتها الحكومة عن الحكومات السابقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى