رجالات أكادير وبناء المرحلة

أكادير، درة الجنوب ووسط المملكة ، ليست مجرد مدينة ساحلية تتغنى بجمال شواطئها أو تعتز بجاذبيتها السياحية فحسب، بل هي مدينة ذات عمق حضاري وثقافي، مدينة العلم والعلماء، ورجالات الدولة الذين بصموا التاريخ الوطني بمواقفهم وشجاعتهم. ومن لا غيرة له على أكادير، لا غيرة له على مجدٍ صنعه أبناء هذه المدينة بحبر العلم، وعرق الجهاد، ونور الثقافة.
لقد أنجبت أكادير ثلة من العلماء الذين أضاءوا مسارات المعرفة، وكانوا سفراء للفكر الرصين داخل المغرب وخارجه في مدارسها ومعاهدها، كبرت عقول تاقت للعلم، واستنارت به. وفي مساجدها وزواياها، جثا طلابٌ على ركبهم أمام الشيوخ، ينهلون من بحور الشريعة واللغة والتاريخ. فكيف يغفل قلب عن حب هذه الأرض التي احتضنت العلماء قبل أن تحتضن الأجساد؟
ولا يمكن الحديث عن أكادير دون الوقوف عند رجالها الذين تسلموا مفاتيح المسؤولية في أزمنة مختلفة، وكانوا مثالا في التفاني ونظافة اليد. رجال دولة حقيقيون، خدموا الوطن من مواقعهم، ورفعوا راية المغرب في المحافل، دون ضجيج ولا ادعاء. هؤلاء لم يكونوا نتاج صدفة، بل نتاج مدرسة أكادير، التي لا تنتج إلا الأصيل.
ومن لا غيرة له على أكادير، فقد جحد المعروف، ونكر الجميل فليس من الإنصاف أن يرى أحدهم النقص دون أن يسعى إلى الإصلاح، أو ينتقد دون أن يسهم في البناء. إن الغيرة على المدينة ليست شعارا، بل موقفاً ومسؤولية غيرة المحب لا الحاقد، غيرة المصلح لا المفسد، غيرة الذي يرى في أكادير أكثر من مجرد حجر وبحر، بل حضارة وهوية وذاكرة.
وتبقى أكادير مدينة الانبعاث عنوانا كبيراً في كتاب المغرب، تكتبه الأيام بحبر العز والمجد
ومن لا غيرة له عليها، فليقرأ التاريخ، ليفهم الحاضر، ويستعد لمستقبل لا يليق إلا بالأوفياء.