ملف الصحراء المغربية: دعم دولي متصاعد لمبادرة الحكم الذاتي

يشهد ملف الصحراء المغربية تطورات مفصلية على الصعيد الدولي، تقودها دينامية دبلوماسية قوية أطلقها الملك محمد السادس منذ سنوات، وتترجم اليوم إلى دعم متزايد لمغربية الصحراء ومبادرة الحكم الذاتي، التي تعتبرها العديد من الدول الحل الأكثر واقعية لإنهاء نزاع إقليمي طال أمده.
منذ مطلع عام 2025، تسارعت التحولات، مع قرارات بارزة بسحب الاعتراف بـ”الجمهورية الصحراوية” المزعومة من طرف دول وازنة مثل غانا، التي لحقت بكل من بنما والإكوادور، في خطوة تعكس وعيًا دوليًا متزايدًا بعدم جدوى دعم كيان يفتقر لمقومات الدولة، حيث تجاوزت نسبة الدول غير المعترفة به 85 في المائة من أعضاء الأمم المتحدة.
ولم تقتصر هذه الدينامية على سحب الاعترافات، بل شملت أيضًا دعمًا معلنًا لمبادرة الحكم الذاتي من طرف أكثر من 116 دولة، أي ما يزيد عن 60% من أعضاء الأمم المتحدة، تتصدرها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، التي جدد رئيسها إيمانويل ماكرون دعم بلاده خلال ثلاث مناسبات منذ خطابه أمام البرلمان المغربي في أكتوبر 2024.
إلى جانب ذلك، أكدت دول مجلس التعاون الخليجي موقفها الثابت من القضية، كما انضمت دول من إفريقيا، أمريكا اللاتينية وآسيا الوسطى إلى لائحة الداعمين للمقترح المغربي، الذي بات يحظى بإجماع دولي متزايد.
وفي السياق نفسه، أفضت جولة لوزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة بعدد من العواصم الأوروبية إلى تجديد أربع دول أوروبية دعمها للمبادرة، بينما اعتبرت كل من كرواتيا ومولدافيا أنها تشكل الأساس الأكثر جدية ومصداقية لتسوية النزاع.
وسجلت هنغاريا موقفًا داعمًا واضحًا بإرسال سفيرها إلى الأقاليم الجنوبية وتوسيع خدماتها القنصلية هناك، بينما أعلنت سلوفينيا، على لسان نائبة رئيس الوزراء، أن مبادرة المغرب لسنة 2007 تشكل أساسًا جيدًا لحل النزاع.
ويعزز هذا الزخم السياسي الزخم التنموي الميداني، حيث عرفت مدينة العيون، يوم 17 يناير 2025، انعقاد لجنتين مشتركتين مع كل من كوت ديفوار وليبيريا، في إطار المساهمة في الدينامية السوسيو-اقتصادية التي تشهدها الأقاليم الجنوبية.
وتأتي هذه التحركات في ضوء المبادرات الملكية، مثل “مسلسل الدول الإفريقية الأطلسية”، و”المبادرة الملكية لتسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي”، إلى جانب المشاريع الاستراتيجية الكبرى كـأنبوب الغاز نيجيريا–المغرب، والمشاريع المندرجة ضمن النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية.
وتعرف هذه الأقاليم أيضًا زيارات منتظمة لوفود اقتصادية أجنبية، تعبيرًا عن اهتمام متزايد بمواكبة الطفرة التنموية لفائدة السكان المحليين، وتعزيز مكانة الصحراء المغربية كمحور استراتيجي في القارة الإفريقية.