جهات بلادي

محاماة في زمن العولمة: تحديات المهنة وآفاق التموقع الدولي

م.السلامي/بلادي24

نظمت منظمة المحامين التجمعيين فرع جهة بني ملال خنيفرة، بتنسيق مع التنسيقية الجهوية لحزب التجمع الوطني للأحرار، ندوة وطنية حول موضوع “عولمة مهنة المحاماة: التحديات والآفاق”، وذلك في إطار النقاشات الوطنية المفتوحة حول مستقبل المهن القانونية في ظل تسارع وتيرة التحولات العالمية، والانخراط المتزايد للمغرب في المنظومة القانونية والاقتصادية الدولية.

الندوة عرفت مشاركة نوعية للأستاذ الدكتور امحمد أقبلي، أستاذ التعليم العالي، محام بهيئة خنيفرة، ورئيس جماعة أجلموس، الذي قدّم مداخلة علمية تحت عنوان: عولمة مهنة المحاماةبين السيادةالقانونية ومتطلبات السوق العالمية، لقيت تفاعلًا واسعًا من قبل الحضور لما تميزت به من عمق في التحليل وشمولية في المعالجة.

وقد بسط الدكتور أقبلي مداخلته من خلال عشرة محاور رئيسية، جمعت بين البعد النظري والاستشراف العملي:

1. السيادة القانونية الرقمية: حيث ناقش كيف أصبحت الحدود الجغرافية غير كافية لحماية الممارسة القانونية في عصر المنصات والعقود العابرة للحدود، مما يتطلب تأهيل المحامي لمواجهة تحديات القانون السيبراني.

2. أموَلة المهنة القانونية: وتناول فيها التحول الذي تعرفه بعض مكاتب المحاماة إلى شركات استثمارية، وما يطرحه ذلك من إشكالات تتعلق باستقلالية المهنة وأخلاقياتها.

3. تعددية الأنظمة المرجعية: حيث أصبح المحامي مطالبًا بالإلمام بأنظمة قانونية متعددة، وطنية ودولية، لمواجهة التعقيد المتزايد في النزاعات العابرة للحدود.

4. الحوكمة المهنية العالمية: في إشارة إلى بروز هيئات مهنية دولية، تستدعي من التنظيمات الوطنية مراجعة أدوارها والانفتاح على الشراكات العابرة للحدود.

5. الأمان القانوني في بيئة معولمة: حيث تزداد الحاجة إلى محامٍ قادر على طمأنة المتقاضي في عالم مليء بالتناقضات القانونية وسرعة التغيرات.

6. أخلاقيات المهنة عبر الثقافات: بالنظر إلى اختلاف القواعد الأخلاقية من بلد إلى آخر، ما يفرض على المحامي وعيًا مضاعفًا عند الاشتغال في بيئات قانونية متعددة.

7. التنافسية القانونية الدولية: والتي تطرح سؤال جاهزية المحامي المغربي للمنافسة في الأسواق الإقليمية والدولية، من خلال تطوير الكفاءات والآليات المؤسساتية.

8. مرونة التنظيم المهني: عبر الدعوة إلى مراجعة الإطار القانوني والتنظيمي للمهنة، بما يسمح باحتضان أنماط جديدة للممارسة، كالمحامي الرقمي والاستشاري.

9. المحامي كوسيط اقتصادي عالمي: حيث أبرز الدور الجديد للمحامي كفاعل في المجال الاستثماري والتجاري، وليس فقط القضائي.

10. العدالة الرقمية والترافع الإلكتروني: من خلال التطرق إلى تحديات الترافع عن بُعد، وضمان حقوق الدفاع في بيئة رقمية، مستشهدًا بتجربة المغرب الرائدة خلال فترة جائحة كوفيد-19.

وقد خلُص الدكتور أقبلي إلى أن عولمة مهنة المحاماة لم تعد خيارًا، بل ضرورة يفرضها الواقع، داعيًا إلى الانتقال من منطق التلقي إلى منطق الفعل والمبادرة، من خلال تأهيل المهنة، والانفتاح على الممارسات الفضلى عالميًا، مع التشبث بالخصوصية الوطنية وقيم الاستقلال والمهنية.

وتأتي هذه المداخلة في سياق جهود منظمة المحامين التجمعيين لبلورة رؤية استراتيجية حول مستقبل المهنة، وتعزيز النقاش العمومي الرصين، وتوفير فضاء للتفاعل بين الفاعلين القانونيين والمؤسساتيين، من أجل محاماة مغربية قوية، مستقلة، ومندمجة في محيطها الإقليمي والدولي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى