ترحيلات جماعية على الحدود الجزائرية النيجرية تُنذر بكارثة إنسانية وسط صمت دولي

في مشهد مأساوي يتكرر دون انقطاع، تواصل السلطات الجزائرية تنفيذ حملات طرد جماعي قاسية بحق آلاف المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، في انتهاك صارخ لأبسط مبادئ الكرامة الإنسانية ولقواعد القانون الدولي.
فخلال الأسابيع الأخيرة، تم ترحيل أكثر من 5 آلاف شخص إلى عمق الصحراء الكبرى، على الحدود مع النيجر، دون تسجيل أو توثيق، ما يجعلهم عرضة للتشرد والموت البطيء في واحدة من أكثر البيئات قسوة في العالم.
ووفق ما نقلته وكالة “إيفي”، فقد وصل مركز العبور في منطقة أساماكا الحدودية إلى طاقته الاستيعابية القصوى، مما دفع المنظمة الدولية للهجرة وشركاءها إلى نقل نحو 1,050 شخصاً إلى مدينة أرليت التي تبعد حوالي 200 كيلومتر، في محاولة للتخفيف من وطأة الاكتظاظ.
كما تستعد فرق الإغاثة لاستقبال دفعات جديدة من المرحلين، حيث أُعلن عن ترحيل حوالي 1,500 شخص إضافي إلى ما يُعرف بـ”النقطة صفر”، وهي منطقة نائية تقع خارج أي نطاق حضري وتفتقر إلى أبسط مقومات الحياة، فالوضع الإنساني في هذه المنطقة بات ينذر بكارثة وشيكة.
فمع ارتفاع درجات الحرارة، وغياب البنى التحتية، وعزلة جغرافية خانقة، يجد آلاف المطرودين أنفسهم محاصرين في صحراء قاحلة بلا ماء، بلا طعام، وبلا أفق واضح.
وتتحمل النيجر وحدها العبء الإنساني الأكبر، في ظل غياب دعم دولي كافٍ لمواجهة تداعيات هذه السياسات التهجيرية، عبد العزيز شحو، المنسق الوطني لمنظمة “ألارم فون صحارى”، وصف الوضع بـ”المرعب”، مؤكداً أن عمليات الترحيل تتم بشكل جماعي دون مراعاة للهوية أو الوضع القانوني للمهاجرين، ما يطرح علامات استفهام خطيرة حول شرعية هذه الإجراءات، التي قال إنها “تشكل خرقًا فاضحًا للقوانين الدولية المتعلقة بالهجرة وحقوق الإنسان”.
وتشير التقارير إلى أن الغالبية الساحقة من المرحلين ينحدرون من بلدان إفريقية مثل غينيا، مالي، ساحل العاج، والسنغال، فيما يُعاد المواطنون النيجريون إلى مناطقهم الأصلية.
غير أن مئات آخرين يظلون مجهولي الهوية، بعدما جرى ترحيلهم دون تسجيل رسمي، مما يصعّب تعقب مصيرهم أو تقديم الدعم اللازم لهم.
في ظل هذا الوضع، تتصاعد الدعوات من منظمات حقوقية وإنسانية لوقف هذه الترحيلات القسرية، وفتح قنوات حوار دولي عاجلة تضمن احترام كرامة المهاجرين وتوفير الحماية الإنسانية لهم.
كما يُحمّل العديد من المراقبين الجزائر مسؤولية مباشرة في هذه الأزمة، ويعتبرون أن سياساتها تجاه المهاجرين الأفارقة تكشف عن رؤية أمنية صرف تتجاهل الأبعاد الإنسانية والاجتماعية للهجرة.
وسط هذا الصمت الدولي المريب، تظل الصحراء شاهدة على مأساة صامتة، لا يتحدث عنها أحد، فيما يواصل المهاجرون رحلتهم القاسية بحثاً عن أمان لا يزال بعيد المنال.