فن و ثقافة

السينما المغربية خارج “كان” مجددًا: دعوات لمراجعة شاملة وإنقاذ الإبداع

غياب السينما المغربية عن قائمة الاختيارات الرسمية للدورة الـ78 من مهرجان “كان” السينمائي أثار استياء واسعا في الأوساط الفنية، ودفع نقاداً ومهنيين إلى دق ناقوس الخطر بشأن واقع الحقل السينمائي الوطني، مطالبين بمراجعة شاملة تأخذ بعين الاعتبار ملاحظات الفاعلين في المجال.

الناقد إدريس القري أكد أن الدعم العمومي المخصص للسينما في المغرب، رغم وصفه بـ”الأسطوري” مقارنة بدول الجوار وحتى ببعض الدول الأوروبية، لا يكفي وحده لبناء صناعة سينمائية تنافسية قادرة على الولوج سنوياً لأكبر المحافل الدولية. وأشار إلى أن الفلسفة المعتمدة في تطوير كرة القدم المغربية أثمرت نتائج ملموسة، في حين أن غياب إرادة سياسية مماثلة في القطاع السينمائي حال دون تحقيق النتائج المرجوة، رغم التراكم الكمي الملحوظ.

القري شدد على أن السينما يجب أن تُدرج في صلب الثقافة الوطنية، على غرار تجارب بلدان مثل بريطانيا وإسبانيا التي وفّرت دعماً طارئاً ومنظماً للقطاع السينمائي، ما مكّنها من حماية الهوية الثقافية وتحقيق إشعاع عالمي. بالمقابل، تظل المبادرات الفردية في المغرب وحدها من تضمن الحضور الدولي المحدود، بعيداً عن رؤية استراتيجية متكاملة.

من جهته، رأى الناقد أحمد السجلماسي أن الزخم الإنتاجي في السنوات الأخيرة لم يواكبه تطور نوعي، مسجلاً أن سنة 2024 وحدها عرفت إنتاج 40 فيلماً طويلاً بين الروائي والوثائقي، إلى جانب أعمال تتناول الثقافة الحسانية. ورغم هذا الرقم القياسي، فإن الجودة تبقى التحدي الأكبر، في ظل انشداد غالبية المنتجين والمخرجين إلى النمط الكوميدي المربح تجارياً، ولو على حساب المضامين الفنية.

السجلماسي أشار إلى أن مهرجان “كان” له معاييره الصارمة، وغالباً ما تُمثل الأفلام المغربية المختارة مخرجين مزدوجي الجنسية. كما لفت إلى أن بعض المشاريع المؤهلة لم تكتمل بعد، ما يُفاقم من ندرة الأفلام ذات القيمة الإبداعية العالية، ويجعل من غياب المغرب عن منصات المهرجانات الكبرى واقعاً متكرراً.

في خضم هذا المشهد، بات جلياً أن السينما المغربية بحاجة إلى نفس جديد، يقوم على دعم منظم، ورؤية استراتيجية، وتشجيع التنوع التعبيري بدل الاكتفاء بما يدر أرباحاً على شباك التذاكر، لأن الإبداع، كما شدد النقاد، ليس ترفاً بل ضرورة ثقافية ووطنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى