مجتمع

الاستراتيجية المالية لجماعة أكادير بين الالتزامات والتنمية


تشهد جماعة أكادير نقاشًا مستمرًا حول وضعيتها المالية في ظل التزاماتها المتعددة المتعلقة بالمشاريع التنموية وبرنامج التهيئة الحضرية. وخلال إحدى الدورات الأخيرة للمجلس الجماعي، تم تقديم معطيات تفصيلية حول الديون، مصادر التمويل، والاستراتيجية المالية التي تعتمدها الجماعة لضمان استمرارية المشاريع.

وفقًا للمعطيات الرسمية، بلغ إجمالي المبلغ الذي تم تصفيته حتى أواخر 2024 حوالي مليار وثمانية وخمسين مليون درهم، فيما لا يزال خمسة مليارات وسبعون مليون درهم قيد التنفيذ. ومن بين هذا المبلغ، تم تسديد 1700% من الديون المستحقة، مع بقاء مليار درهم في خانة “التجاوزات المالية”. ولتغطية هذا العجز، تم اقتراح آليات تمويل متعددة، من بينها قرض بقيمة 545 مليون درهم من صندوق تجهيز الجماعات، و500 مليون درهم سيتم تأمينها من الموارد الذاتية للجماعة. كما تم تخصيص 100 مليون درهم من فائض ميزانية 2024 بعد المصادقة عليها خلال دورة 12 مارس، إضافة إلى 400 مليون درهم من مداخيل بيع العقارات التي تمت برمجتها من قبل المجلس السابق. ومن بين العمليات التي أثارت اهتمام الرأي العام، بيع “تيران القارب” بسعر 57 ألف درهم للمتر المربع، وهو رقم اعتُبر مرتفعًا مقارنة بالأسعار المعتمدة في السوق العقارية الخاصة، مما يعكس رغبة الجماعة في تعظيم مواردها المالية من أجل دعم المشاريع التنموية.

رغم حجم الالتزامات المالية، تؤكد الجماعة أن وضعها المالي مستقر، مستندة في ذلك إلى عدة مؤشرات، حيث لا تتجاوز نسبة الدين 27%، وهو مستوى أقل من السقف المحدد من طرف صندوق تجهيز الجماعات، الذي يسمح بنسبة 40% كحد أقصى. كما أن مقارنة الوضع المالي لأكادير بمدن أخرى مثل مراكش، الرباط، وطنجة، التي استفادت من قروض البنك الدولي، تُظهر أن الجماعة لا تزال في وضع يسمح لها بالاقتراض دون الإضرار بتوازناتها المالية. ووفقًا للمعطيات المقدمة، فإن الربح الإجمالي للجماعة بلغ 397 مليون درهم، وبعد خصم خدمة الديون المقدرة بـ222 مليون درهم، يتبقى 175 مليون درهم مخصصة للاستثمار، وهو ما يعكس قدرة الجماعة على تمويل المشاريع المبرمجة دون التأثير على التوازن المالي العام.

وفي ظل هذه المعطيات، شدد مسؤولو الجماعة على أن المشاريع التي يتم تمويلها، سواء في إطار برنامج التهيئة الحضرية أو برنامج عمل الجماعة، تعد التزامًا لا يمكن التراجع عنه. فبرنامج التهيئة الحضرية تم التوقيع على اتفاقياته أمام صاحب الجلالة، مما يجعله التزامًا رسميًا لا يمكن تأجيله، في حين أن برنامج عمل الجماعة يمثل عقدًا اجتماعيًا مع المواطنين، يهدف إلى تحسين البنية التحتية وتعزيز التنمية المحلية. وفي هذا السياق، تم التأكيد على أن مفهوم “الرافعة المالية” هو أداة استثمارية ضرورية تتيح تسريع إنجاز المشاريع الكبرى بدل انتظار سنوات طويلة لتوفير الموارد المالية اللازمة.

وفي رسالة إلى الرأي العام، أكدت الجماعة أن اللجوء إلى الاقتراض يأتي ضمن استراتيجية مالية مدروسة تهدف إلى تسريع وتيرة التنمية بالمدينة. كما دعت وسائل الإعلام إلى نقل هذه المعطيات بموضوعية لضمان تواصل فعال بين الجماعة والساكنة، بعيدًا عن التأويلات التي قد تثير مخاوف غير مبررة بشأن الوضع المالي للمدينة. ومع استمرار التزام الجماعة بتنفيذ مشاريعها وفق الجدول الزمني المحدد، يبقى التحدي الأساسي هو تحقيق توازن بين الحاجة إلى تمويل المشاريع وضمان استدامة المالية المحلية على المدى البعيد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى