محكمة تيزنيت تستدعي صاحب “العمارة المنهارة” لجلسة مارس المقبل وترفض السّراح المؤقت للمتهمين

أمرت الغرفة الجنحية لدى المحكمة الابتدائية بتيزنيت باستدعاء صاحب مشروع “العمارة المنهارة” بالمدينة، فيما رفضت السّراح المؤقت للمتهمين الأربعة المتابعين في حالة اعتقال، والذين مثلوا بعد زوال الإثنين 29 يناير 2024، بعدما حاول دفاع المتهمين المعتقلين والدفع بوجود ضمانات حضور موكليهم خلال جلسة مناقشة الدفوعات الشكلية، مع تحميل كل طرف المسؤولية للباقي.
وخلال جلسة مناقشة الدفوعات الشكلية، طالب دفاع المتهمين بحضور صاحب العمارة، وهو أحد كبار أعاين المدينة، للاجابة حول علمه بالخروقات . كما حضر أحد عمال “العمارة المنهارة” المصاب، وهو على كرسي متحرك، تم منحه مهلة من أجل إعداد دفاعه، وأخّرت الجلسة يوم 5 مارس المقبل.
وفجرت القضية اعتقال أربعة متهمين في حالة اعتقال، منهم مقاول، ومهندس معماري، ومهندس مكتب للدراسات، ومهندس لمكتب المراقبة، فيما برّأ صاحب المشروع من مسؤوليته، وأصرّ في كل مراحل الاستماع والتحقيق على متابعة الأربعة وترتيب الجزاءات في حقهم، مع احتفاظه بحقه المدني في التعويض، بعدما خلّفت مصرع عاملين اثنين، وإصابة آخرين بجروح متفاوتة الخطورة حصرت العجز في 90 يوما قابلة للتّمديد.
وتعود تفاصيل القضية، التي تنظر فيها الغرفة الجنحية التلبسية بتيزنيت، إلى يوم الاثنين 13 نونبر 2023 حينما انهارت “عمارة في طور البناء بباب أكلو”، والتي أتبتت الخبرة المنجزة من قبل المحكمة أن سبب الانهيار “طبيعة الاسمنت المسلح ومقاسات بعض الأعمدة، واختلاف مسافة الأعمدة ما بين التصميم الذي أنجز والذي أنجزه مكتب الدراسات. وهو المشروع الذي حظي برخصة بتاريخ 16 دجنبر 2019 وبرخصة ثانية خاصة بالعمارة “E ” لانتهاء الرخصة الأولى في أكتوبر 2023″.
ويتابع المتّهمون الأربعة، الذين ما يزالون رهن الاعتقال الاحتياطي بالسجن المحلي بتيزنيت، بجنح تتراوح بين “القتل غير العمدي الناتج عن عدم مراعاة النظم والقوانين والتسبب في جروح غير عمدية نتج عنها عجز عن الأشغال الشخصية تزيد مدته عن ستة أيام، نتيجة عدم مراعاة النظم والقوانين والبناء بدون رخصة وإنجاز بناء دون احترام مقتضيات الوثائق المكتوبة والمرسومة بالنسبة للمتهم الأول المقاول(ه.ف)، والقتل غير العمدي الناتج عن عدم مراعاة النظم والقوانين والتسبب في جروح غير عمدية نتج عنها عجز الأشغال الشخصية تزيد مدته عن ستة أيام في إنجاز بناء دون احترام مقتضيات الوثائق المكتوبة والمرسومة وعدم مسك دفتر الورش بالنسبة للمتهم الثاني المهندس المعماري (ع.ز)، والقتل غير العمدي الناتج عن عدم مراعاة النظم والقوانين والتسبب في جروح غير عمدية نتج عنها عجز الأشغال الشخصية تزيد مدته عن ستة أيام نتيجة عدم مراعاة النظم والقوانين والبناء بدون رخصة وإنجاز بناء دون احترام مقتضيات الوثائق المكتوبة والمرسومة بالنسبة للمتهمين الثالث (ع.إد) والرابع (س.س) وهما مهندسي دولة، طبقا للفصول 129 و432 و433 من القانون الجنائي، والمواد 54ــ2، و64 و 72 و76 وو71 و78 من القانون رقم 66.12 المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء.
وأظهرت الخبرة القضائية المنجزة خلال مرحلة التحقيق، قبل إحالة الملف على النيابة العامة لإحالة المتهمين على جلسة المحاكمة، أن أسباب انهيار العمارة يتمثل في “ضعف جودة موادّ البناء وحديد التسليح، بالإضافة إلى عدم مطابقة مضمون التصاميم المرخص بها بخصوص أبعاد بعض الأعمدة واختلاف مقاساتها لما تمّ بناؤه على أرض الواقع، فضلا عن وجود خلل في جرعات الإسمنت والحصى والرمل في الخرسانة المسلحة، وفي سلوك عقد التّعشيق بين لأعمدة والجسور، وكذا وجود تباعد بين النواة المركزية وشبكة الأعمدة والجسور يقدر بـ8.10 مترا في ثلاث جهات، خلافا للأبعاد المقترحة في التصاميم المحددة في أربعة أمتار فقط”.
كما خلص تقرير الخبرة المنجز من قبل المختبر العمومي للتجارب والدراسات إلى “غياب تقارير التجارب المتعلقة بمطابقة الموادّ المستعملة في البناء، وخاصة الخرسانة والحديد لمعايير الجودة، ونقص في قياسات بعض الأعمدة بالطابق تحت أرضي (35،35 سم2)، مع وجود اختلاف وعدم تطابق في القياسات المحددة في التصميم مع تلك التي بالواقع، وعدم تطابق عملية البناء وتصميم الخرسانة المنجز من قبل مكتب الدراسات، وذلك باستبدال ألواح الإسمنت المسلح بألواح من التكتل، وكذا غياب المحاضر بدفتر الورش”.
وبينت التحقيقات المنجزة “اختفاء دفتر الورش الذي سيوثق جميع مراحل إنجاز المشروع وعمليات مراقبته من طرف الجهات المختصة منذ افتتاحه، وعدم إبرام اتفاقية مع مختبر مختص بإنجاز التجارب المتعلقة بمطابقة المواد المستعملة في البناء وخاصة الخرسانة والحديد والحصى والرمال لمعايير الجودة في العمارة المنهارة، مما يضع الأطراف أمام المسؤولية القانونية، إلى جانب حفر بئر داخل الورش من دون ترخيص وموافقة الجهات المختصة رغم وقوع المشروع في قلب المدينة وفي موقع ذي حركية السير والجولان”.
ويعود هذا المشروع في وثائقه التعميرية والتراخيص إلى سنة 2015، حيث صادقت عليه لجنة الاستثناءات التي يترأسها والي الجهة، المكون من عمارات سكنية ومكاتب ومحلات تجارية من طابقين ، غير أنه تم تغيير المشروع من طرف اللجنة الإقليمية للمشاريع الكبرى ، والتي تتكون من ممثل جماعة تيزنيت ومصالح التعمير بالعمالة وممثل الوكالة الحضرية وممثلين عن المصالح الخارجية بتاريخ 11 ماي 2023، إذ جرى تحويل اسم المشروع من اسم ذاتي إلى إسم معنوي (شركة)، وتغيير تصميم العمارة المنهارة التي تحمل رمز c من عمارة ذات طابقينR+2 إلى عمارة ذات ثلاثة طوابق، إضافة إلى قبو وسقف نصف الطابق الأرضي (R+3) + sous-sol + mezzanine، وسط تساؤلات خبراء حول مدى قانونية هذه التغييرات والإضافات في اللجنة الإقليمية؟.
وجرى التأشير على المشروع من قبل الوكالة الحضرية لتارودانت بعد موافقة الوالي بتاريخ 12مارس 2015، ولم يحصل على رخصة البناء إلا بتاريخ 16 دجنبر 2019 ، ليتم لاحقا تمديد الرخصة بتاريخ 31 دجنبر 2021. لتنتهي صلاحية هذه الرخصة في نهاية دجنبر 2022، ومنذ هذا التاريخ لم يحصل المشروع على رخصة جديدة إلا بتاريخ 3 أكتوبر 2023، مما يعني أن المشروع بقي بدون رخصة لمدة عشرة أشهر والأشغال مستمرة به. وهو ما تتحمل مسؤوليته مصالح التعمير ترابيا (الجماعة والعمالة) استنادا للقانون 12.66 المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء .