المحام بكار السباعي: استدعاء السفراء قرار سيادي واحتجاج ديبلوماسي والدول ملزمة باحترام المقدسات الدينية
يرى الباحثون في حقل القانون العام والعلاقات الدولية، أن اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية من أكثر المواثيق التي تم إبرامها في إطار هيئة الأمم المتحدة لجمع القانون الدولي وتطويره نجاحا، ولما عرفته من مشاركة من العديد الدول ذات السيادة الكاملة، والعمل على التقيد بين الموقعين عليها، حيث تم التصديق عليها في فبراير 2017 من قبل 191 دولة.
ولما لهذه الاتفاقية الإطار المنظم للعمل الديبلوماسي من تأثير على النظام القانوني الدولي مبدأ المعاملة بالمثل واحترام سيادة الدول من خلال المبدأ المتعارف عليه دوليا بمبدأ عدم التدخل.
وتعتبر المملكة المغربية من الدول المصادقة على هذه الاتفاقية كغيرها من دول العالم والتي تعترف بنظام الممثلين الدبلوماسيين، وبأهداف ومبادئ ميثاق هيئة الأمم المتحدة واحترام سيادة كل الدول والعمل على المحافظة على السلام والأمن الدوليين، وتنمية علاقات الصداقة بين الأمم، والمقتنعة بأن احترام الامتيازات والحصانات الدبلوماسية أمر سيساعد على تحسين علاقات الصداقة بين البلدان مهما تباينت نظمها الدستورية والاجتماعية.
ومن المعلوم أن العلاقات الدولية غالبا ما تتخللها انحرافات، كالمس بالسيادة أو التدخل في الشؤون الداخلية، أو بسبب أنشطة بعض الجماعات أو الهيئات أو المنظمات غير الحكومية والتي تعمل داخل تراب بعض الدول وتحت رعايتها، مما قد يتسبب في توترات تكون لها انعكاسات وتأثيرات مباشرة على طبيعة العلاقات بين مكونات المجتمع الدولي، والتي لا يمكن قبول تفسيرها على أساس احترام حقوق وحريات منحرفة من قبيل حرية الرأي والتعبير موضوع نازلة الحال في مقابل التنكر لحقوق مقابلة كاحترام حرية المعتقد …
وعلينا ألا نغفل، ونحن في معرض موضوعنا المتعلق بالعمل الديبلوماسي كما اطرته اتفاقيتي فيينا لسنة 1961 ولسنة 1963 المتعلقة بالقنصليات أن نحدد اشكال الاحتجاج الديبلوماسي بين الدول والتي تتنوع، من رسائل الاحتجاج مروراً باستدعاء السفراء للتشاور ووصولا إلى خفض التمثيل الدبلوماسي، وتعتبر “خطوة إعلان السفير “شخصاً غير مرغوب فيه” الخطوة الأخيرة قبل قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين أو تخفيضها إلى أدنى المستويات.
أقول علينا ألا نغفل الحديث عن الموقف الحاسم للديبلوماسية المغربية نتيجة عمل” ناشط مدني “، متطرف سويدي الجنسية وعلى تراب دولة السويد بتعمد تمزيق وحرق القرآن الكريم.
هنا عزيزي المتلقي سأنطلق بك من مقدمة اطنبنا فيها الحديث عن اتفاقية فيينا واطارها العام الى الموقف الجديد والحاسم للديبلوماسية الرسمية المغربية ازاء قضايا الوطن وقضائية الأمة العربية والاسلامية وموقفها المشرف تجاها القضايا الانسانية بشكل عام .
ليست المرة الاولى التي تستدعي فيها المملكة المغربية سفيرها بدولة ما أو سفير دولة لها اعتماد ديبلوماسي فوق تراب المملكة، فغالبيتها كانت بضرورة تفسير موقف معين يتعلق بسيادة المغرب وبحوزته الترابية.إن السبب هذه المرة يا سادة مختلف، فالاستدعاء كان سببه المس بالدين الاسلامي من خلال فعل يشكل جريمة” ازدراء الأديان “، فعل دفع بالخارجية المغربية الى استدعاء القائم بأعمال دولة السويد وباستدعاء سفيرها بالسويد قصد التشاور لأجل غير محدد .
إن الموقف القوي والثابت للديبلوماسية المغربية المؤسس على مبدأ احترام الخطوط الحمراء خطوط تحدد التوجهات الجديدة للديبلوماسية الملكية لمملكة محمد السادس ليس فقط بالنسبة لقضية الصحراء المغربية بل لكل قضايا الأمة العربية والاسلامية ولقضايا الانسانية وضرورة الالتزام باحترام سيادة الدول ومقدساتها واحترام المبادئ العامة للقانون الدولي التي تفرض على مكوناته ضرورة العمل على العيش في أمن وسلام.
وختاما، إن الموقف المشرف والعظيم للملكة المغربية وبإجماع الأمة الاسلامية، ينبع من الاعتبار الكبير الذي تحظى به المملكة الشريفة داخل النظام العالمي الجديد، ومن الموقف الثابت للملك، باعتباره أميرا للمؤمنين والذي ما فتئ يدعوا الى احترام مقدسات المسلمين واليهود والمسيحيين على حد سواء.هذا الاحترام والتقديس الذي يجب على كل أتباع الرسالات السماوية ودعاتها أن يشكلوا جبهة واحدة لنشر مناهجه القائمة على العدل والحق والخير والتسامح، من أجل تحقيق الحياة السوية والهدف من المعنى الأسمى لمسؤولية استخلاف الإنسان على الأرض مند نزول سيدنا آدم وأمنا حواء عليهما السلام، انطلاقا من الآية القرآنية الخالدة: ” وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين “.
ذ/ الحسين بكار السباعي، وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان