افتقد المتتبع للشأن السياسي في بلدنا تلك السنوات التي كان فيها البرلمان فضاء للنقاش السياسي الرزين ومجالا لاحتضان النقاش العمومي في القضايا التي تهم الرأي العام الوطني. غير أن اللحظة الدستورية التي عاشها البرلمان في سياق المصادقة على مشروع قانون المالية لسنة 2024 أعادت لمجلس النواب حسب عدد من المتتبعين تلك الصورة الايجابية لمؤسسة ممثلي الأمة.
وقد عرفت مختلف اللجان نقاشا هاما وراقيا بين أغلبية منسجمة في مواقفها وتصوراتها التي تدافع عن توجهات الحكومة في مجالات الحماية الاجتماعية والدعم الاجتماعي المباشر ودعم السكن ومواصلة تطوير البنيات التحتية واستكمال مشاريع السياسة المائية والاصلاح الضريبي.
وبين معارضة مشتتة لم تستطع التنسيق فيما بينها من أجل إعداد تعديلات مشتركة قادرة على اقناع الحكومة. وقد كانت لحظة النقاش حول هذا المشروع الهام فرصة لبروز نخبة شابة ونساء داخل البرلمان استطاعت أن تساهم في تسجيل مواقف قوية مما يؤكد على نجاعة استثمار الاحزاب السياسية في النساء والشباب.
ويبقى الرهان هو الحفاظ على هذا المستوى من النقاش لانه من المهم جدا أن تحضتن المؤسسات مختلق القضايا المجتمعية عوض تركها عرضة للاستغلال من طرف جهات ومنابر وفضاءات ذات أجندات أخرى.