“حاميها حراميها: القضاء العسكري يُعاقب مسؤولين عسكريين بتهمة سرقة المحروقات من الثكنات

في تطور مثير، قضت الغرفة الجنائية الابتدائية بالمحكمة العسكرية بالرباط، بحر الأسبوع الماضي، بالحكم على ثلاثة مسؤولين عسكريين بالسجن لمدة 15 سنة نافذة، وذلك بعد أن ثبت تورطهم في سرقة واختلاس محروقات مخصصة لثكنة عسكرية. وكانت الجريمة قد اكتشفت بعد حريق شب في مرآب بمنطقة سيدي وساي ضواحي أكادير، ليكتشف بعدها أن الكمية المسروقة تقدر بحوالي 5600 لتر من البنزين والغازوال.
المتهمون في هذه القضية هم قائد وحدة المخزن المتنقل بمنطقة ماسة ضواحي أكادير، والمسؤول عن مصلحة المحروقات، بالإضافة إلى المسؤول عن الأشغال بالثكنة العسكرية. وبالرغم من محاولاتهم المتكررة إنكار التهم الموجهة إليهم، فإن التناقضات في أقوالهم جعلت المحكمة تقتنع بتورطهم، حيث تم اكتشاف أن توزيع المحروقات بين المراكز العسكرية المكلفة بحراسة الشريط البحري كان يتم دون أي وثائق أو دفاتر تدوين.
وقد أكدت النيابة العامة العسكرية على أن المتهمين ارتكبوا الجرائم في ظروف الليل وبمشاركة ناقلة ذات محرك لتسهيل عملية السرقة. كما ثبت من خلال التحقيقات أن المسؤول الأول عن المخزن المتنقل كان يطلب إضافات من الوقود لأغراض شخصية، حيث طلب من القيادة الجنوبية 400 لتر إضافية من البنزين، ليصل إجمالي الكمية المسروقة إلى 5600 لتر.
وفي تفاصيل أخرى، أظهرت التحقيقات أن المسؤولين العسكريين كانوا يستخدمون المحروقات المسروقة في تجارة غير قانونية، حيث قاموا بشراء 11 برميلا بسعة 200 لتر لملئها بالوقود المسروق. وأكدت عناصر الدرك القضائي أن البراميل تم حجزها في وقت لاحق خلال اندلاع الحريق، مما سلط الضوء على شبكة التلاعب بالمحروقات داخل الثكنات العسكرية.
ولعل الفضيحة الكبرى تكمن في أن المتهم الأول، المسؤول عن توزيع المحروقات، لم يكن يحمل أي قرار كتابي بتعيينه في هذا المنصب، بل تم تعيينه شفوياً من قبل قائد الوحدة العسكرية، وهو ما يعد مخالفًا للتعليمات العسكرية الصارمة.
وبعد الاستماع إلى الدفاع والنيابة العامة، قررت المحكمة العسكرية أن العقوبات يجب أن تكون مشددة، حيث تم الحكم على المتهمين بالسجن لمدة خمس سنوات لكل واحد منهم، بينما نال السائقان عقوبة السجن ثلاثة أشهر نافذة، بعد أن ثبت أنهما نفذا الأوامر الصادرة إليهما دون إبلاغ السلطات بالواقعة.
هذه القضية تبرز أهمية احترام القوانين العسكرية، وتشير إلى تواطؤ بعض المسؤولين العسكريين في انتهاك قواعد الأمانة والنزاهة داخل المؤسسات العسكرية. ويعكس الحكم الصادر صورة صارمة من القضاء العسكري في محاربة الفساد داخل صفوف الجيش، وهو ما يبعث برسالة قوية حول ضرورة محاسبة كل من يسيء استخدام السلطة.